وصلتني العديد من الأسئلة والاستفسارات عن نهاية العالم والحضارة البشرية في عام 2012. فهل هناك كوكب باسم نيبيرو (Nibiru) يقترب من الارض مسببا سلسلة من الحوادث والكوارث الطبيعية لتكون نهاية العالم في الحادي والعشرين من ديسمبر 2012 كما تقول التنبؤات؟ هل ناسا تخفي دلائل وجود كوكب نيبيرو عن العامة وهل يتآمر الفلكيون في العالم لاخفاء الحقيقة خشية من ردة فعل الشعوب؟ هل سيتوقف كوكب الارض عن الدوران وتتفجر براكين الأرض باجمعها؟ ام ان الارض والمجموعة الشمسية ستمر في منتصف درب التبانة لتعلن نهاية حياة الكائنات الحية على الأرض؟ هل سينقلب المجال المغناطيسي للأرض المسؤول عن حمايتنا من الاشعاعات الضارة القادمة من الفضاء؟ ماذا عن تقويم حضارة المايا والتي تنتهي بكل غموض يوم 21 ديسمبر 2012؟ ما هي صحة تلك الادعاءات والتنبؤات؟
كعادتي دائما ، فإن الاجابة المقتضبة هي: كلا ، لن يحدث اي من هذا!
ولكنك لم تزر موقع إدارة علوم الفلك والفضاء لتقرأ الاجابة المقتضبة ، اليس كذلك؟! هل تريد ان تعرف التفاصيل عن خدعة نهاية العالم (Nibiru Hoax)؟ في سلسلة حلقات ، سوف اقوم بالرد على كل هذه التساؤلات على حدة.
تاريخ الانسان حافل بتنبؤات نهاية العالم ، فاكذوبة 2012 ليست الاولى من نوعها وحتما لن تكون الاخيرة. فقد انتشرت في الآونة الاخيرة مواقع في الشبكة العنكبوتية وبرامج وثائقية ، وحتي افلام هوليوودية ، تتحدث عن نهاية العالم المحتوم. وتلك الاداعات لا تتعدى تفسيرات خاطئة ممزوجة بمعلومات علمية غير دقيقة لا تمد للواقع بأي صلة.
وفي هذه الحلقة ، سوف نقوم بالاجابة على السؤال التالي:
هل هناك كوكب باسم نيبيرو (Nibiru) يقترب من الارض مسببا سلسلة من الحوادث والكوارث الطبيعية لتكون نهاية العالم في الحادي والعشرين من ديسمبر 2012 كما تقول التنبؤات؟
كلا. لا يوجد اي دليل علمي واحد على وجود هذا الكوكب. اين احداثيات هذا الكوكب؟ اي الصور الفلكية الخاصة به؟ هناك العشرات ، بل المئات من المراصد والتي تغطي كافة السماء في شقيها الشمالي والجنوبي ، فكيف لا يسجل اي مرصد اقتراب كوكب بهذا الحجم الضخم وهو يبعد عن الارض فقط 3 سنين (من 2009 حتى 2012)؟ يدعي مناضلوا نظرية نهاية العالم بأن ناسا تخفي هذه المعلومات عن العامة! وهي تتآمر مع المراصد الاخرى لاسدال الستار عن وجود هذا الكوكب!
وهنا يجب ان تعرف أولا بأن اسم ناسا يزج في كل الامور المتعلقة بعلم الفلك ، علما بأن اختصاص ناسا الرئيسي هو الطيران والفضاء وليس الفلك كما هو شائع. بل أن اغلبية المراصد في الولايات المتحدة لا تقع اطلاقا تحت مظلة ناسا. وماذا عن المئات من المراصد الاخرى في العالم؟ بل وماذا عن الآلاف المؤلفة من التلسكوبات الصغيرة الحجم والتي يمتلكها الهواة في كل اقطار العالم. فالهواة اليوم يستطيعون ، باستغلال كامرات ومعدات فلكية متاحة للجميع ، رصد وتصوير الكوكب القزم بلوتو والذي يبعد اكثر من 5 مليارات كيلومتر عن الارض. اضف الى ذلك ضئالة حجم ولمعان بلوتو مقارنة بنيبيرو ، فكيف لم ينجح اي فلكي ، محترفا كان ام هاو ، في رصد هذا الكوكب العملاق وهو في طريقه الى الارض؟ يبرر مناضلوا النظرية بأن مدار الكوكب اهليجي حاد ، كما هو الحال في المذنبات ، ويكمل الكوكب دورة واحدة كل 3600 سنة مستندين بذلك الى بعض النصوص السومرية القديمة. ولو سلمنا بصحة هذه المعلومات ، فذلك لا يفسر عجز الفلكيين عن رصد الكوكب وهو لا يبعد عن الارض الا بضعة ملايين من الكيلومترات ، وهي مسافة ضئيلة فلكيا.
المسار المزعوم لنيبير,
في ظل هذه المعضلة ، يدعي مناضلوا النظرية بأن الكوكب يقع الآن خلف الشمس ، ولذلك يستحيل رؤيته بشكل مباشر ، فنحن لا نستطيع رؤية صخرة ضئيلة خلف ضوء لامع. ولكن ان كان الكوكب حقا يقع خلف الشمس الآن ، فهذا يعني انه في اوج سرعته الدورانية ، كما تنص قوانين كبلر ، ولن يظل مخفيا للأبد. وبسبب كتلة الكوكب الضخمة فإن على الكوكب ان يعبر من خلف الشمس بفترة زمنية قياسية وقصيرة. وبما ان الارض تدور حول الشمس دورة كاملة في خلال 365 يوم تقريبا ، فإنه في ظرف شهر او اقل ، تقوم الارض بالسفر في مدارها حول الشمس ، ونكون قادرين على رؤية ذلك المكان "المختفي" خلف الشمس. وفي خلال سنة كاملة ، نكون قد رصدنا السماء بكل الاتجاهات فيا ترى اين يختبيء كوكب نيبيرو الآن؟ لماذا لم يسجل العالم الكوكب في عام 2000؟ في 2003؟ في 2008؟
هنالك قاعدة ومسلمة في كل النقاشات العلمية: البينة على من ادعى. وكما قال الفلكي الراحل كارل ساجان فإن الاداعاءات العظيمة تتطلب ادلة اعظم. فما هي الادلة التي قدمها مناضلوا نهاية العالم على كوكب نيبيرو؟
لا شيء سوى مزيج من نظريات المؤامرة المدعمة بمعلومات هزيلة علميا. هل قدموا معلومة علمية واحدة نستطيع من خلالها رصد هذا الكوكب؟ ماذا عن السرعة الدورانية؟ اهليجية المدار؟ احداثيات الكوكب؟ كلا ، لم يجهدوا انفسهم بتوفير اي من هذه المعلومات لأنه ببساطة شديدة لا وجود لهذا الكوكب الا في اذهانهم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق