الأربعاء، 18 مارس 2009

حياة المصرى القديم

أولاً: الآداب
ا – الكتابة
انظر أيضاً:
اللغة والكتابة والحساب فى مصر القديمة
لن ينسى التاريخ فضل المصريين على الإنسانية فى اختراع الكتابة، وقد تم ذلك قبل عصر توحيد البلاد، وبالكتابة سجل المصريون القدماء مظاهر حياتهم السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية.

تطور الكتابة

سجل المصريون القدماء أفكارهم عن طريق الصور، وكل صورة تدل على كلمة معينة، فلكى يكتب المصريون القدماء كلمة "سمكة" رسموا صورتها مصغرة، وسميت هذه الكتابة "الهيروغليفية"، وكانت تستخدم على جدران المعابد، واللوحات الحجرية والخشبية، وتكتب من أعلى إلى أسفل أو العكس، ومن اليمين إلى اليسار أو العكس.
هذه الكتابة الهيروغليفية استخدمت فى تسجيل النصوص الدينية، وكذلك عرفت باسم "الخط المقدس".
ثم ظهر نوع مبسط من الكتابة سميت "
الهيراطيقية" (أى خط رجال الدين)، واستخدمت فى الكتب الدينية والنصوص الأدبية فى عصر الدولة الوسطى.
أخيراً ظهرت الكتابة
الديموطيقية (أى الكتابة الشعبية) التى استعملت فى كل نواحى الحياة، وانتشرت فى العصور المتأخرة، وعصرى البطالمة والرومان.
كيف توصلنا إلى قراءة الكتابة المصرية القديمة؟



فى عام 1799 م عثرت الفرق العسكرية الفرنسية على "حجر رشيد" بالقرب من مدينة "رشيد" المصرية، فكان بمثابة المفتاح الذى كشف معنى الكتابة الهيروغليفية المصرية القديمة.

و"حجر رشيد" عبارة عن كتلة من البازلت الأسود نُقش عليها حوالى عام 196 ق.م مديح للملك "بطليموس الخامس" على هيئة ثلاثة نقوش متوازية، وذلك باللغات الهيروغليفية، والديموطيقية المصرية، واليونانية.وبمقارنة اللغات الثلاثة أمكن للعلماء فك ألغاز اللغة الهيروغليفية، ووضعوا بذلك أسس علم المصريات الحديث. وحجر رشيد معروض الآن بالمتحف البريطانى فى لندن.
بعد مجىء الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798 م، عثر أحد ضباط الحملة على حجر يعرف بـ "حجر رشيد"، وحملوه إلى فرنسا، واستطاع العالم الفرنسى "شمبليون" Jean François Champollion فك رموز الكتابة الموجودة عليه، فأمكن قراءة ما تركه المصريون القدماء من كتابات على جدران المقابر والمعابد، أو على لفائف البردى. وتقديراً لجهود هذا العالم الفرنسى، أطلقت الحكومة المصرية اسمه على أحد الشوارع الكبرى فى مدينة القاهرة.

أدوات الكتابة :


استخدم المصرى القديم القلم المدبب المصنوع من البوص، والمداد الأسود أو الأحمر، والألواح الخشبية وأوراق البردى، وكانت كتب المصريين القدماء عبارة عن لفائف من قراطيس البردى، ومنها أخذنا معظم معلوماتنا عن حضارة المصريين القدماء.
ب – أنواع الأدب المصرى القديم




مقطع من أحد نسخ "كتاب الموتى" التى ترجع إلى بداية الأسرة الـ 19 (حوالى عام 1310 ق.م)، ويصور المحاكمة النهائية للميت أمام "أوزوريس" إله الموتى (وهو فى هذه النسخة "هو-نيفر" Hu-Nefer الكاتب الملكى).
وتشرح الكتابة الهيروغليفية والرسوم فى هذا المقطع طقوس وزن قلب الميت قبل أن يمكن منحه حياة سرمدية سعيدة.
بالكتابة المصرية القديمة، سجل المصريون القدماء آدابهم المختلفة التى صورت جميع نواحى الحياة، مثل:
الأدب الدينى:
الذى يتناول عقائد المصريين الدينية، ونظرياتهم عن الحياة الأخرى، والبعث والخلود، وخلق الكون، والآلهة، والأساطير الدينية.
مثل: نصوص الأهرام (هرم "أوناس" بـ"سقارة") التى سجلت على جدران بعض الأهرامات لتكون عوناً للميت فى الحياة الأخرى، وكتاب الموتى وهو عبارة عن كتابات دينية تكتب على أوراق البردى، وتوضع مع الميت لمساعدته وحمايته فهى عون للميت ينجيه من الجحيم، وأيضاً الأساطير الدينية كأسطورة "إيزيس" و"أوزوريس" التى توضح انتصار الحق والعدل مهما طال الظلم والباطل.
الأدب القصصى:
برع المصريون القدماء فى كتابة القصص، وكان منها ما حدث فى أيامهم (قصة "سنوهى")، ومنها الخرافى (قصة الملاح الغريق).
الأدب التهذيبى:
عبارة عن تعاليم وحكم ونصائح ووصايا خلقية، ومن أشهر تلك النصائح كلمات الحكيم "بتاح حتب" فى الدولة القديمة، والحكيم "آنى" فى عصر الدولة الحديثة.
أدب المديح:
عبارة عن أدب يهدف إلى تمجيد أعمال الملوك أو الأشخاص، أو الإشادة ببطولتهم أو فضلهم.
قصة سنوهى (من الأدب القصصى، وهى قصة حقيقية)
تدور القصة حول القائد "سنوهى" قائد جيش الملك "أمنمحات الأول" فى الدولة الوسطى، فقد هرب عندما سمع بوفاة الملك، وتولى ولى العهد "سنوسرت" الحكم حيث كان "سنوهى" عدواً له. وصل "سنوهى" إلى أحد مشايخ البدو فى فلسطين الذى أكرمه وزوجه كبرى بناته، فحقد على "سنوهى" جيرانه، وظهر منهم فتى طلب مبارزته، فانتصر "سنوهى" وقضى عليه. ظل "سنوهى" فى فلسطين حتى أصبح شيخاً، وزاد حنينه لوطنه العزيز مصر، ولما علم فرعون عفا عن "سنوهى"، وأكرمه وعينه فى بلاطه.
قصة الملاح الغريق (من الأدب القصصى، وهى قصى خرافية)
تحكى القصة أن ملاحاً مصرياً ركب سفينة فى البحر الأحمر لكى يذهب إلى بلد بعيد، وهبت عاصفة شديدة أغرقت السفينة بركابها، عدا هذا المصرى الذى رسا على جزيرة، وأخذ يطوف بها بحثاً عن الطعام، وإذا به يقابل ثعباناً طوله 300 ذراعاً، فتملكه الرعب، لكن الثعبان طمأنه بعد أن روى ما حدث له، وعاش المصرى فى الجزيرة شهراً، وإذا بسفينة مصرية تمر، فتحمله إلى أرض الوطن مصر، بعد هذه الرحلة الشاقة وما بها من الأهوال.
أسطورة إيزيس وأوزوريس (أسطورة خيالية توضح لنا الكثير من معتقدات القدماء المصريين)



تقول الأسطورة:
إله الأرض وإله السماء كانا زوجين أنجبا ولدين هما: "أوزوريس"، و"ست"، وبنتين هما "إيزيس" و"نفتيس"، وتزوج "أوزوريس" من أخته "إيزيس"، وتزوج "ست" من أخته "نفتيس"، وقد حكم "أوزوريس" حكماً عادلاً فأحبه الناس، أما "ست" فكان شريراً مكروهاً، فامتلأ قلبه حقداً على أخيه "أوزوريس"، وأخذ يدبر المؤامرات للتخلص منه.


أقام "ست" وليمة دعا إليها بعض أصدقائه من الآلهة، ومنهم "أوزوريس"، وأعلن "ست" على المدعوين أنه قد أعد تابوتاً مزيناً بالأحجار الكريمة سيفوز به من يكون على حجم جسمه كهدية، وكان "ست" قد صنع التابوت بحيث يلائم جسم أخيه "أوزوريس".
أخذ كل واحد ينام فى التابوت لكى يرى إذا كان على مقاس جسمه حتى يفوز به، حتى جاء دور "أوزوريس"، وعندما مد "أوزوريس" جسمه فيه، سارع "ست" وأعوانه وأغلقوا عليه التابوت، وألقوا به فى النيل، فحمله التيار إلى البحر المتوسط، وهناك حملته الأمواج إلى سواحل "فينيقيا" (لبنان الحالية).




ولما علمت "إيزيس" بما حدث لزوجها، حزنت حزناً شديداً وأخذت تبحث عنه، حتى اهتدت إلى مكانه وحملت الجثة معها إلى مصر حيث خبأتها فى أحراش الدلتا، وأخذت تصلى إلى الله أن يرد لزوجها الحياة.
استجاب الله لنداء "إيزيس"، وعادت الحياة إلى "أوزوريس"، لكن "ست" الشرير تمكن من العثور على أخيه، ومزق جثته وألقى بأجزائها فى أقاليم مصر المختلفة.
وكانت "إيزيس" قد أنجبت من "أوزوريس" طفلاً هو "حوريس" (حورس) الذى انتقم من "ست" وحاربه وانتصر عليه، أما "أوزوريس" فقد أصبح إله الموتى بعد أن رفض العودة إلى هذا العالم الملىء بالشر.
انظر أيضاً: أبيدوس ودندرة: أسطورة أوزير وإيسة



ثانياً: العلوم
أثبتت الكشوف الحديثة أن المصريين القدماء كانت لهم علوم قامت على أساس التجربة والخبرة، وعلى البحث المنظم، ومن أهم هذه العلوم:
ا – الفلك وحساب الزمن :
كان
للدين واقترانه بحياة المصريين القدماء أكبر الأثر فى تطور الفلك، وكان كهنة "هليوبوليس" أول من اهتموا بدراسة الفلك، وتوصلوا إلى معرفة الكثير من مواقع النجوم والكواكب. كما ابتكر المصريون القدماء التقويم الشمسى (على أساس دورة الشمس)، وقسموا السنة إلى اثنى عشر شهراً، كل منهما يبلغ ثلاثين يوماً، وبذلك أصبح عدد أيام السنة 360 يوماً، وبقى خمسة أيام آخر كل عام، كانوا يطلقون عليها أيام "النسىء"، كما قسموا فصول العام واستخدموا أيضاً آلات لقياس ساعات الليل والنهار.

ب - الهندسة والحساب :




بردية فرعونية قديمة من القرن الـ 17 قبل الميلاد (أى منذ حوالى 3700 سنة) عبارة عن مرجع فى الرياضيّات يكشف لنا أن قدماء المصريين استخدموا نظاماً عشرياً.
عرف المصريون القدماء أصل
الحساب وقواعده، فاستخدموا الجمع والطرح والضرب والقسمة، وتوصلوا إلى معرفة الكسور العادية، كما تقدموا فى الهندسة، فالذى يتأمل الأهرامات المختلفة يستطيع أن يقدر أن التنفيذ كان قائماً على مبادئ هندسية. كما عرف المصريون القدماء مساحة المربع والمستطيل، واستخدموا الحساب فى معرفة مساحة الأرض الزراعية وتقدير المحاصيل، ودرجة ارتفاع أو انخفاض نهر النيل، وتسجيل رواتب الموظفين والجنود. وكانت وحدات قياس مساحة الأرض القدم والذراع.
ج – الطب والتحنيط:


عرف المصريون القدماء الكثير عن جسم الإنسان وأمراضه وطرق علاجه، وقد كان هناك أطباء متخصصون للأمراض الباطنية، وللعيون وللأسنان وللجراحة. كما برع المصريون القدماء فى التحنيط، وليس أدل على مهارتهم من أن أجساد بعض الفراعنة لا تزال محتفظة بمظهرها وشكلها رغم مرور آلاف السنين. ومن أشهر أطباء المصريين "إيمحوتب" الذى عاش فى الأسرة الثالثة.



وتوجد فى مقبرة "انخما-حور" Ankhma-Hor بـ"سقارة" لوحات رائعة من عصر الأسرة السادسة تصور عمليات جراحية فى الأصابع وعملية ختان.
د – الكيمياء :
يعد المصريون أول من عرف علم الكيمياء، فقد نبغوا فى صناعة الألوان والأصباغ المختلفة، كما برعوا فى صناعة العقاقير والأدوية من الأعشاب النباتية، كذلك فى إعداد المواد الكيماوية اللازمة للتحنيط.
ثالثاً:الفنون

ا – العمارة :
البيوت: كانت مساكن المصريين القدماء تبنى من الطوب، وتتكون من طابقاً واحداً أو اثنين،
فعقيدة البعث والخلود دفعت المصريين القدماء إلى عدم الاهتمام ببناء المساكن، والاهتمام ببناء المقابر باعتبارها دار الخلود.المقابر: معظم مقابر المصريين القدماء بنيت على الشاطئ الغربى لنهر النيل، حيث تخيلوا نتيجة ملاحظتهم غروب الشمس، أن الغرب يمثل المدخل الحقيقى إلى مملكة الموتى. وفى الدولة الحديثة نحت القدماء مقابرهم فى صخور الجبال غرب "طيبة" ("وادى الملوك").
زيارة لمقبرة الملك "أمنحوتب الثانى" بـ"وادى الملوك" - والملك "امنحوتب الثانى" هو سابع ملوك الأسرة الـ 18 وابن الملك العظيم "تحتمس الثالث".
تطور بناء المقابر فى مصر الفرعونية





كانت المقبرة أول الأمر حفرة تحت سطح الأرض يوضع فيها الميت، ويهال عليها التراب.
تطورت الحفرة إلى حجرة أو حجرتان تحت سطح الأرض تبنى من الطوب اللّبن ولها سلم يوصل إليها.
ثم تطورت إلى حجرة تحت سطح الأرض فوقها مصطبة على سطح الأرض.
ثم تطورت إلى هرم مدرج يتكون من عدة مصاطب كل منها أصغر من التى تحتها. ثم تطورت إلى الهرم الكامل.
المعابد :
تنقسم المعابد إلى قسمين:





المعابد الكبيرة:
وهى لعبادة الإله فى "طيبة" ("آمون")، ومنها معبد الكرنك الذى يعد أضخم دار للعبادة فى العالم، ومعبد الأقصر.
المعابد الصغرى:
وهى جنائزية لكى تقام بها شعائر الدين وطقوس الجنازة على فرعون، وخاصة بالكهنة وأهل فرعون، ومن أمثلتها معبد "حتشبسوت" بـ"الدير البحرى"، ومعبد "الرمسيوم" الذى بناه "رمسيس الثانى".



مسلة الأقصر التى أهدتها مصر إلى فرنسا تقف الآن شامخة فى وسط ميدان الكونكورد فى قلب باريس شاهدة على عظمة الفراعنة.
برع المصريون القدماء فى نحت المسلات الشاهقة الارتفاع، وفى الرسم والنقش، والتصوير على الجدران وتلوينها.














0 التعليقات: